تاريخ كوبا الاستعماري يمتد عبر عدة مراحل بدءًا من العصور القديمة، حيث استوطنها السكان الأصليون، وهم من الشعوب التي جاؤوا من القارة الأمريكية ومن جزر الأنتيل عبر موجات متتالية. هؤلاء السكان الأوائل كانوا في الغالب صائدي لحوم وجامعي ثمار، فيما كانت المجموعات الأخيرة مثل التاينو والكاريبيين قد طوروا الزراعة والفخار، وأسسوا أنظمة اجتماعية قائمة على النسب الأمومي والديانات الأنيمستية. كان غذاؤهم يعتمد بشكل رئيسي على الكاسابا المصنوع من اليوكا، كما استخدموا أدوات مصنوعة من الطين والعظام والخشب. وقد ترك هؤلاء السكان آثارًا في الكهوف، فيما خلف خلفاؤهم رسومات على الفخار والأخشاب.
عندما وصل كريستوفر كولومبوس إلى كوبا في عام 1492، كانت الجزيرة قد تأثرت بشكل كبير من الاستعمار الإسباني الذي بدأ فعليًا في عام 1510 تحت قيادة دييغو فيلاسكويز. في هذه المرحلة، كان الأوروبيون يسعون للبحث عن الذهب، وقد وجدوه في الأنهار، وأسسوا مستعمرات على حساب استعباد السكان الأصليين الذين عملوا في تلك المناجم الزراعية وفرض عليهم العمل القسري. كما جلب الإسبان الأوبئة التي أدت إلى وفاة العديد من السكان الأصليين.
ومع مرور الوقت، تدهورت الوضعية السكانية في كوبا بسبب تزايد الاستعمار في المكسيك في عام 1519. فقد بدأ الإسبان بنقل العبيد من إفريقيا لتعويض النقص في اليد العاملة الأصلية بدءًا من عام 1518. إلى جانب ذلك، كان نظام التجارة الذي فرضته إسبانيا من خلال تحكمها في جميع النشاطات التجارية عبر المستعمرات يعزز استغلال الجزيرة ويجعلها نقطة التقاء رئيسية في مسار تجارة المحيط الأطلسي، حيث كانت السفن الإسبانية تتوقف في هافانا قبل العودة إلى إشبيلية.
في بداية القرن 16، كانت كوبا تحت السيطرة الإسبانية كجزء من فيرينا نيو إسبانيا، إلى أن تم تأسيس كوبا كـ "كابيتانيا جنيرال" في عام 1774. كانت كوبا تحت إدارة حكومة عسكرية بفضل السلطة الممنوحة لها من الملك الإسباني. وكانت هافانا من بين أهم المدن في الجزيرة التي أصبحت مركزًا رئيسيًا للتجارة والزراعة. ازدهرت الصناعات اليدوية والزراعة داخل هافانا وما حولها، حيث برزت صناعة التبغ كأهم منتج للتصدير.
مع قدوم بوربون إلى الحكم في إسبانيا بعد حرب الخلافة الإسبانية (1701-1713)، بدأت الحكومة الإسبانية في تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى زيادة الاستفادة من الموارد في كوبا من خلال تخفيف القيود المفروضة على التجارة الزراعية. وبالرغم من أن صناعة السكر بدأت في الانتشار في كوبا في منتصف القرن 18، فإن الاقتصاد الكوبي كان في الأصل يعتمد على زراعة التبغ الذي كان يشكل المصدر الأساسي للإيرادات.
في عام 1762، تم احتلال هافانا من قبل البريطانيين، ولكنها عادت إلى السيطرة الإسبانية بسرعة. منذ ذلك الحين، بدأ الاقتصاد الكوبي يتوسع بشكل أكبر في زراعة السكر، خاصة في المناطق التي كانت تحتوي على أراضٍ خصبة، حيث أسس الإنجليز تقنيات جديدة للأشغال الزراعية.
ومع بداية القرن 19، بدأت حركات الاستقلال تتزايد في أنحاء أمريكا اللاتينية، في حين استمرت كوبا في النمو كمنتج رئيسي للسكر بفضل الاعتماد على العمل القسري للعبيد الأفارقة. في ذلك الوقت، كانت كوبا تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة الأمريكية في تصدير السكر، مما جعلها عرضة للتقلبات الاقتصادية في تلك الأسواق.
كما أن الضغط المستمر من الولايات المتحدة بشأن قضايا مثل حقهم في التجارة مع كوبا دفع إلى أزمة اقتصادية في نهاية القرن 19، ما أسفر عن اندلاع حروب الاستقلال. في عام 1898، إثر الحرب الأمريكية الإسبانية، تدخلت الولايات المتحدة لصالح الثوار الكوبيين، مما أدى إلى طرد القوات الإسبانية من كوبا.
بعد استقلال كوبا عن إسبانيا في عام 1902، أصبح الاقتصاد الكوبي تحت سيطرة الولايات المتحدة بشكل شبه كامل، حيث أصبح السكر هو المصدر الرئيس لعائدات البلاد. أدى ذلك إلى فترة من الاستقرار النسبي، إلا أن الاقتصاد الكوبي بقي هشًا، حيث كانت جميع القطاعات الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على إنتاج السكر، ما جعله عرضة للأزمات الاقتصادية المستمرة.
في النصف الأول من القرن 20، سيطرت النخبة العسكرية والشركات الأجنبية، خاصة الأمريكية، على معظم النشاطات الاقتصادية في كوبا. وفي عام 1959، اندلعت الثورة الكوبية بقيادة فيدل كاسترو، التي أسفرت عن تحول النظام السياسي والاقتصادي في البلاد إلى نظام اشتراكي مستند إلى دعم الاتحاد السوفيتي. أدت الثورة إلى تأميم الشركات الأجنبية وفرض إصلاحات اجتماعية كبيرة، ما جعل كوبا تتخذ مسارًا سياسيًا مغايرًا مع توتر العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فيما بعد، وعلى الرغم من الدعم السوفيتي، عانت كوبا من مشكلات اقتصادية متزايدة، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991. هذا الوضع استمر في التأثير على الاقتصاد الكوبي بشكل كبير، حيث شهدت البلاد انخفاضًا حادًا في نموها الاقتصادي وأزمة غذائية خطيرة.
ورغم هذه التحديات، استمرت كوبا في الحفاظ على نظامها الاشتراكي، وتواصلت على مر السنين مع الولايات المتحدة وحلفائها، رغم التوترات السياسية المتزايدة بين الطرفين.
